قد يُختلف في مصطلح رعاية اليتيم بين القانون والدين، ففي القانون يسمى ضم اليتيم، وفي الدين كفالته، وهذا ما يسبب لبسا في بعض الأحيان لدى عامة الناس في التفريق بإجراء احتضان اليتيم وشروطه.
ويقول القاضي ناصر عمران بان “اليتيم قانونا هو القاصر الذي يخضع لأحكام قانون رعاية القاصرين 78 لسنة 1980 المعدل، وكفالة اليتيم هي رعاية وإعالة وتربية الطفل الذي فقد أبويه أو احدهم دون أن يلحق بنسب الكفيل”.
ويرى أن “رعايته جزء من منظومة الثقافة الإنسانية القائمة على الود والرحمة والتي حثت عليها كل الديانات والشرائع السماوية والتشريعات القانونية الوضعية. والقانون العراقي تعكز على تاريخ حضاري رائد في مجال صناعة التشريعات والقوانين وتطرق الى موضوع اليتيم والاهتمام به ونفقته ورعايته في كثير من القوانين فقانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980”.
ويوضح أن “المفهوم العام للقاصر يدخل مفهوم اليتيم ضمن آلية عمل نصوصه القانونية فقد تضمن أحكاما خاصة بتصرفات الأولياء والأوصياء المرتبطة بأموال القاصرين ومحاسبتهم والترتيب القانوني للولاية والوصاية على القاصر وقبلها مفهوم القاصر وقد استمد القانون نصوصه متماهيا وتأكيدا تارة إلى المواد القانونية التي نص عليها القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1950 او مقيدا لها باعتباره قانونا خاصا”.
مضيفا إن “مفهوم كفالة اليتيم كمنظومة اجتماعية وقانونية تتحقق في مفهوم الضم الوارد في قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة (1983) المعدل والذي افرد له القانون الفصل الخامس في المواد من (39 ـ 46)، حيث أجاز القانون للزوجين أن يطلبا ضم الصغير يتيم الأبوين أو مجهول النسب إليهم وحسب المادة ( 23) من القانون والتي تنص على ان ( للزوجين ان يتقدما بطلب مشترك إلى محكمة الأحداث لضم صغير يتيم الأبوين إليهما، وعلى محكمة الأحداث قبل أن تصدر قرارها بالضم أن تتحقق من أن طالبي الضم عراقيان ومعروفان بحسن السيرة وعاقلان وسالمان من الأمراض المعدية وقادران على إعالة الصغير وتربيته وان يتوفر فيهما حسن النية)”.
معرجا على “الإجراءات العملية لتحقق حالة الضم وهي الأكثر تحققا لمفهوم (كفالة اليتيم) كون طالبي الضم يسعيان لتقديم طاقتهما العاطفية لليتيم إضافة إلى الاهتمام والرعاية المادية وتستدعي الإجراءات أن يقدم الطلب من أسرة قائمة مكونة من زوج وزوجة مجتمعين بطلب واحد مشترك ولا يجوز أن يقدم احدهم طلبا منفردا أو أن يكون بينهم فراق او طلاق أثناء تقديم الطلب أي أن تكون هناك حالة الاستمرارية والاستقرار بالعلاقة الزوجية وهو شرط ضروري في تحقيق المناخ العائلي السليم لليتيم ويكون الزوجان عراقيين وهو شرط ضروري لا يتحقق الضم بتخلفه حتى وان كان احدهما عراقي والآخر غير عراقي، سواء أكان الزوج او الزوجة يضاف الى ذلك ان يكون الزوجان عاقلين بمعنى ان لا يكون احدهم او كلاهما مصابا بعارض او بعاهة عقلية تؤثر على سلامة قواه العقلية وان يكونا متمتعين بحسن السيرة وهذه تعتمد على البحث الاجتماعي والتحقيقات التي تجريها محكمة الاحداث من خلال المعلومات المتحصلة من مختار المحلة التي يسكن فيها او رب العمل أو زملائهم او بشهادة الشهود والقرار مرتبط بالسلطة التقديرية للمحكمة على ان هذه السلطة خاضعة لرقابة محكمة التمييز اذ لكل متضرر من القرار سواء بالرفض او الإيجاب الطعن بالقرار بواسطة تمييز القرار امام محكمة التمييز، لافتا إلى أن “سلامة الزوج والزوجة من الشروط الرئيسية أيضا لطالبي الضم من الإمراض المعدية او السارية وبموجب شهادة طبية صادرة من جهة طبية رسمية مختصة توفر المقدرة المالية في طالبي الضم لكي يتمكنا من رعاية الطفل وهذا الموضوع تتحقق منه محكمة الأحداث بواسطة التحري عن أموالهم ومصادر دخلهم وغيرها من الوسائل التي تثبت بها المقدرة المالية ولها سلطة تقديرية في ذلك”.
ويلفت إلى “شرط مهم على محكمة الإحداث إيلاؤه الأهمية الكبيرة وهو حسن النية بمعنى أن لا تكون لهما أهداف غير شرعية او أخلاقية من ضم اليتيم او أن يغلبوا مصالحهم الذاتية على مصلحة اليتيم او استخدام اليتيم واستغلاله في أعمال منافية للأخلاق أو استغلاله لمصلحتهما، وحسن النية مفترض لدى كل من طالبي الضم حتى يثبت العكس”.
ويعرج أيضا على “شروط لابد من توافرها في الطفل موضوع الضم وهي أن يكون الطفل اليتيم صغيرا، وأن يكون اليتيم فاقد الأبوين فإذا كان فاقدا لأحدهم لا يمكن ضمه لان النص قد حدد حصرا أن يكون فاقد الأبوين وليس احدهم”.
ويواصل “بعد التحقق تصدر محكمة الأحداث قرارها بالضم بصفة مؤقتة ولمدة ستة أشهر يجوز تمديدها لستة أشهر أخرى، وخلال هذه الفترة ترسل المحكمة باحثا اجتماعيا إلى دار طالبي الضم لمرة واحدة على الأقل كل شهر للتحقق من حسن رعايتهم للطفل وكذلك في بقاء الرغبة في الضم قائمة ويقدم تقرير مفصل بذلك إلى المحكمة فإذا عدل الزوجان عن رغبتهم أو وجدت المحكمة أن مصلحة الطفل غير متحققة فتقرر تسليمه إلى إحدى المؤسسات الحكومية، اما اذا انقضت فترة التجربة وكانت مصلحة الطفل متحققة فتصدر قرارها بالضم. مع ملاحظة ان مؤسسات ودور الرعاية الاجتماعية الحكومية هي الجهات الملزمة قانونا برعاية وكفالة من لا يجد له كفيلا او معيلا استنادا للنصوص القانونية التي تضمنها الدستور العراقي الدائم لعام 2005”
مقال أجرته ايناس جبار….